26 - 06 - 2024

تباريح | لن يطير الحمام

تباريح | لن يطير الحمام

ْ(أرشيف المشهد)

23-6-2013 | 20:54

في ختام ساحر لقصيدة "يطير الحمام" يقول محمود درويش سيد الثوار العشاق : (على وردة يابسة أعاد لها قلبها وقال: يكلفني الحب مالا أحب ، يكلفني حبها / ونام القمر على خاتم ينكسر وطار الحمام )

العشق واحد لمحبوبة كان أو لوطن ، له تكلفته وله ثمنه ، وانكسار الثورات كالعشق الخائب ، له مراراته ، التي تزيد أحيانا عن ثمن استمراره.

كل الدفعة الأولى لثوار يناير عشاق .. وقفوا في وجه الدبابات وآلة القمع وحلموا، وحين انتصرت الثورة حلقت أرواحهم في الأعالي ، وهم اليوم ليسوا على استعداد أن يتركوا محبوبتهم ، "لينام القمر على خاتم ينكسر" ولا لـ "يطير الحمام".

ثار الثوار ليصنعوا وطنا محلقا، يأخذ بأسباب التقدم ويتيح الحرية والكرامة، ثاروا ليتم القضاء على الفساد والمحسوبية، وليتساوى الناس في المواطنة، المسلمون والأقباط ، النساء والرجال ، الفقراء والأغنياء ، الضعفاء والأقوياء ، ثاروا لترتفع هامة المصري في أركان الناس.

وحين تسلم الحكم تيار التحق بالثورة بعد اتضاح وهن النظام السابق وهشاشته ، لم تجن مصر شيئا ، غير وطن يتقزم ، تحاصره الأزمات من كل اتجاه ، يرتد إلى عصور مظلمة سحيقة ، يمتهن الكرامة ويصادر الحرية باسم الدين ، والدين منه براء ، لم تجن مصر على مدى عام من حكم الإخوان غير فساد ومحسوبية تضاف إلى ماسبق وتتحالف معها ، وبعد أن كانت التفرقة بين المسلم والقبطي والرجل والمرأة والضعيف والقوي ، تصرف فردي .. أصبح تصرف دولة يراد له أن يوضع في قوانين ودساتير ونظم.

.............

"وطار الحمام .. وحط على الجسر والعاشقين الظلام "

حمام الثورة لن يطير ، وانما سيجري طرد الحداءات والغربان التي لبست ثوب حمام ، ادعت وكذبت .. وعدت وأخلفت .. أقسمت وحنثت .. ظلت تردد على مدى عقود انها مع السماحة وتعدد الرأي ثم كشفت عن وجه قبيح ، يميز الناس على أساس انتمائهم لجماعة من عدمه ، التعدد في نظرها هو أن تتبنى رأيها ، لكن ان تخالفه أو تتناقش فيه فأنت علماني كافر ، ولو صليت وزكيت وصمت وحججت.

قلوبهم معلقة بالدنيا وليست بالدين كما يدعون ، وبالجماعة وليست بالدولة كما يزعمون ، ولهذا البلد عشاق لن يتنازلوا عن عشقهم .. ولن يتركوا مصر أجمل ماخلق الله وأطهر ماخلق الله ، لن يتركوها فريسة لراسبوتين جديد.

مقالات اخرى للكاتب

تباريح | مصر ليست مجرد أغنية!





اعلان